كلمة انصاف في حق الشيخ عبد الله مهاوش وفقه الله تعالى للشيخ محمود اليوسف الزوبعي وفقه الله تعالى

 كلمة إنصاف في حق الشيخ عبدالله مهاوش وفقه الله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فأني أكتب هذه الكلمات شهادة مني في حق الشيخ عبدالله مهاوش – سدده الله – وأنا أعلم أنه لا يرضى بمثل هذه الكتابة ولا يريدها.
ولكنى اضطُررت إليها لِما رأيته من كتابات بعض المغرضين وبعض السفهاء، وتطاولهم على الشيخ، ووصفهم له بما هو بريء منه، فكان لابد من بيان الحق، وتوضيح الواقع الذي أعرفه عن قرب من الشيخ وفقه الله.
وأنا لمّا اكتب هذه الكلمات عن الشيخ عبدالله، فهذا لا يعني هضم جهود المشايخ الآخرين في الدعوة إلى الله والدفاع عن المنهج السلفي، فهناك مشايخ أجلاء، لهم من الفضل والعلم ما شهد به القاصي والداني، ومنهم الشيخ سعد النايف سدده الله.
ولكن الحاجة قد دعت إلى تخصيص الشيخ عبدالله بالذكر، والدفاع عنه بالحق، إن شاء الله. 
فأقول مستعينا بالله: لقد عرفنا الشيخ أبا عبد الرحمن عبدالله مهاوش الزوبعي منذ أن عرفنا الدعوة السلفية في أوائل التسعينات.
وعرفنا فضله بعد فضل الله تعالى، في بيان المنهج السلفي، والدعوة إليه والذب عنه.
فكل سلفي في ديارنا، وكل من عرف الشيخ في غيرها، يعرف أثره على الدعوة السلفية المباركة، وما تركه بين طلابه من بصمات طيبة، من حسن السمت، والتواضع، والإنصاف، والصدق، وسمو الأخلاق.
وكان يحث على نشر المحبة، والتسامح، والأُخوّة بين السلفيين.
والشيخ – وفقه الله - له جهود كبيرة في نشر العلم، والتأكيد عليه، وحث الطلاب على البحث العلمي، وعدم التعصب للأشخاص.
وهو في نفسه يتميز بدقة الفهم، وحسن الأسلوب في التدريس، وإيصال المعلومة للطالب، وقد أقام العديد من الدورات، ودرس العشرات أو المئات من الطلبة، واهتم بكتب العقائد، وبيان توحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات، والرد على مذاهب المتكلمين، وما رأيت أحدا في حسن تدريسه وأسلوبه العلمي، اللهم إلا العلماء الكبار حفظهم الله.
ومن درس عليه يعرف ما عنده من العلم، من خلال التأصيل والتفصيل للمسائل العلمية، واتباع القواعد السلفية الصحيحة في الاستدلال.
فهو من أفضل من أوضح المنهج السلفي بأصوله وفروعه، ودعا إليه نظريا وعمليا، ومن أفضل من درس العقيدة الطحاوية، والعقيدة الواسطية، وكتاب التوحيد، وكتب مصطلح الحديث، وأصول الفقه، وغيرها من الكتب العلمية.
ولا زالت دروسه عالقة في أذهان كثير من الطلبة الذين درسوا عليه.
ومما أعرفه عنه أنه كثير القراءة خصوصا لكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، ربما يقرأ عشر ساعات في اليوم، وأثر قراءته لكتب شيخ الإسلام ولكتب تلميذه ابن القيم، ظاهر على أسلوبه في دروسه ومحاضراته.
وكان يوجه طلاب العلم إلى الطريقة النافعة في القراءة، فيقول: ليكن عندك كتاب معتمد في كل باب من أبواب العلم، تديم النظر فيه، وتضيف على هامشه الفوائد التى تحصل عليها من الكتب الأخرى، وتضع كل فائدة في المكان المناسب لها حسب الأبواب والمواضيع، وتشير إلى أصل الفائدة، بذكر اسم الكتاب الذي اخذتها منه ورقم الجزء والصفحة.
وهذه الطريقة لاشك أنها راقية جدا ومفيدة، تجتمع فيها فوائد كل باب، في مكان واحد، مما يسهل حفظها ومراجعتها، مع ضبط الكتاب المعتمد وإتقانه.  
وله الفضل بعد الله تعالى في رد الفتن وبيان خطورتها، وبيان زيف المناهج المنحرفة، والتفطن لمكرهم وخبثهم، وتحذير الناس منهم، حتى ناصبوه العداء وحاولوا النيل منه بكل وسيلة، بالترغيب تارة، وبالترهيب تارة أخرى، ولكن الله سلمه منهم، فلله الحمد والمنة.
 فكم من فتن مرت، وبدع أطلت بقرونها، مثل: بدع الإخوان المسلمين، والقطبية، والسرورية، والحدادية، ودعاة الجمعيات، وغيرها، قد اختلط فيها الحق بالباطل عند كثير من الشباب، ومن المعلوم أن في فترة التسعينات ماكان لنا كثير اتصال بالعلماء ولا بطلاب العلم، ولم تكن وسائل التواصل هذه موجودة، فكان للشيخ الفضل في توضيح تلك الفتن والتحذير منها.
فكم ناظر المنحرفين، وأبطل حججهم بالدليل العلمي الواضح.
وقد حضرت جانبا من تلك المناظرات، فمنها ما أثاره القطبيون حول مسألة مسمى الإيمان، وجنس العمل، وآحاد العمل، وكانت المناظرة في بيته، وقد حضرها أكثر المخالفين في ذلك الوقت، وكانوا عددا كبيرا، ووالله لقد أحرج الجميع في تلك الجلسة حتى إني ظننت أنه يحفظ كتاب الإيمان من مجموع الفتاوى عن ظهر قلب، علما أن القوم قد أعدوا العدة وتهيأوا لهذه المناظرات، فكتبهم التي بأيدهم مليئة بالهوامش مما يدل على استعدادهم لمثل هذا اليوم منذ فترة بعيدة، وقد لخصوا وحددوا المسائل التي يرون فيها حجة لهم، وكانوا يقرأوون من كتاب الإيمان بعض النصوص محتجين بها على باطلهم، والشيخ عبدالله كأني أنظر إليه الآن واقف في وسط المجلس أو يمشي قليلا وليس بيده كتاب، فيسمع النص منهم ويكمله عن ظهر قلب ويبين وجهه الصحيح، فينقلب حجة عليهم لا لهم، حتى أحرج الجميع وسُقط في أيديهم، مع أنهم كانوا يتناوبون على مناظرته وهو وحده يرد عليهم، ومنهم من حاول أن يصطنع الغضب ليخرج، فما أذن له الشيخ بالخروج،
وبعد هذا أكرم الجميع وما خرج أحد إلا بعد أن تناول العشاء.
وحصلت مناظرات أخرى غير هذه، مع القطبية والصوفية والحدادية وغيرهم، فاستسلم القوم ولم تبق لهم حجة، ومما قاله الشيخ عبدالله وأنا سمعته منه، أنه ناظر أحد رؤوس القطبية منفردا وأقام عليه الحجة، فما كان من ذلك القطبي إلا أنه أمسك رأسه وقال: (أبا عبد الرحمن اعتبر أن شبهة قد مرت علي لا أستطيع دفعها).
وناظر أحد رؤوس الصوفية فما كان من الصوفي بعدما ظهرت له الحجة إلا أن قال: (وماذا نقول للناس الآن هل نقول كنا على خطأ كل هذا العمر) أو قريبا من هذا اللفظ.
أما من يكابر ويعاند ويسفسط فلا حيلة فيه.
وكان غالب المنحرفين في ذلك الوقت يعرفون فضل الشيخ عبدالله ومكانته العلمية، وما كانوا يطعنون في علمه ولا في فضله.
وكان كل ما أشكل أمر من هذه الفتن على أحد، يُقال له إذهب واسأل الشيخ عبدالله.
وهذا متواتر معروف عندنا يعر فه الصغير والكبير، ولا ينكره إلا مكابر في قلبه شيء على المنهج السلفي.
وكان - وفقه الله – واسع الصدر كثير الصبر على المخالفين، فكان يصبر عليهم فترات طويلة ويتعاهدهم بالنصح، ولا ينقطع عنهم ولا يهجرهم ما دام هناك بصيص أمل، وربما لامه بعض المقربين منه على طول صبره على المخالفين، وقد يكون منهم هذا الذي رد عليه بسوء أدب.
والشيخ وفقه الله لا يحب الظهور ولا يسعى إليه، ولا يهتم بالتأليف ودائما يرى نفسه أقل مما هو عليه في الواقع، وينسب الجهل إلى نفسه، وقد استغل بعضُ من لم يعرف حقيقة العلم، ولم يعرف سمت العلماء، استغل بعضَ كلماته في نفسه أو في أخوته فقال له أنت تقول عندنا ضعف وأنا أسميه تمييعا فأنتم مميعة، فهذا وأمثاله ما عرفوا من العلم إلا التشدق بالكلام والتعالم.
 وقد عشنا مع الشيخ زمنا طويلا فعرفناه، وعرفنا مقصده في الكلام، فهو في واد، ومن يخاصمه ويرد عليه في واد آخر.
وكان وفقه الله كثير الحياء، يستحي أن يعبس في وجه أحد وإن كان مخالفا له، ولكنه يقول كلمة الحق بأدب جم وتواضع كبير.
ونحسبه والله حسيبه من أهل الإنصاف والعدل مع الموافق والمخالف، ومما يدلنا على ذلك انصافه مع الخصوم في حال حضورهم وغيبتهم.
 فالكل في مناطقنا يذكر ذلك الحدادي الذي طعن في الشيخ عبدالله، وفي عموم إخوته السلفيين، وألف وكتب وتكلم لتسقيط السلفيين بأسلوب جائر، يدل على بغضه لطلاب العلم وخصوصا الشيخ عبدالله وإخوته.
وقد هيأ الله سفرا للشيخ عبدالله ومعه بعض الإخوة السلفيين، ومنهم الشيخ عبد الباسط المشهداني، والتقوا مع أحد المشايخ ممن كان على الجادة في ذلك الوقت، وكنا نحسن به الظن.
فعرض الشيخ عبدالله حال هذا الحدادي بطريقة فيها من الإنصاف والعدل قلما تجده في هذه الأزمنة، فكان مما قاله: (أنه عندنا شيخ سلفي يدرس التوحيد ويعتني بتدريسه وله دعوة وطلاب، إلا أننا اختلفنا معه في كذا وكذا) وعرض الخلاف كما هو، فكان الجواب ما معناه أن هذا عنده مرض نفسي.
فلما خرجوا تكلم أحد أصحاب الشيخ عبدالله معه ولامه على ثنائه على ذلك الحدادي، فأجابه بقوله: (الرجل غير حاضر ولابد أن ننصفه في الكلام).
وبعد ذهابه إلى مكة شرفها الله، لازم الشيخ ربيعا ملازمة الطالب لشيخه، وقد ذكر الشيخ عبدالله في مقال له هذه الملازمة وتقريب الشيخ وإجازته له من غير طلب منه، فنكتفي بكلامه في هذا الجانب، ولولا أنه اضطر لما ذكر هذا عن نفسه.
وأنا أعلم أنه درس على بعض العلماء في مكة، وخارج مكة، واشترك في دورات علمية، ومنها دورة الطائف، وكانت بعلم الشيخ ربيع  - حفظه الله - وله العديد من الإجازات العلمية، لو كان بعضها لمن يطعن فيه لطار بها وتشدق وتعالى على غيره.
وقد انتفع كثيرا من ملازمته للشيخ ربيع، ومن دراسته عند غيره من العلماء، وقد رأينا أثر ذلك عليه واضحا، واستفدنا نحن منه ولله الحمد.
ومن لا يفقه لا يدرك هذا، لأنه لا يفهم من العلم شيئا، وما عنده إلا كثرة الثرثرة.
والشيخ الآن خطيب في أحد المساجد في مكة شرفها الله.
وكان وفقه الله يهتم بالدعوة في مواسم الحج والعمرة، فيلتقي بالحجاج والمعتمرين، ويعطي الدروس بصورة يومية يذهب إلى كل حملة في مسكنهم، وربما في تلك الأيام لا يذهب لأهله إلا قليلا.
وكان يتألف العوام وحتى المخالفين ممن يرجوا نفعه وهدايته، فيصرف الأموال الطائلة في إكرامهم، وأنا حضرت مناسبة دعا فيها كل المعتمرين من مناطقنا وغيرها وكان الحضور بالمئات.
وكل من التقى بالشيخ في تلك المواسم يأتي ويثنى عليه ثناء عطرا على حسن الخلق وسعة الصدر وكرم الضيافة.
ونحن نعرف أنه يفعل كل ذلك في سبيل الدعوة السلفية، وتأليف العوام لقبولها، وتحسين صورة السلفيين أمام الناس.
والشيخ - وفقه الله - من حرصه على الدعوة السلفية فإنه دائم المتابعة لطلاب العلم بالنصح والتوجيه والمدارسة، وما من طالب علم ممن أعرفهم إلا وله اتصال مع الشيخ ويستشيره في كثير من الأمور.
مع ما عنده من دروس مستمرة ينشرها عبر قنوات التواصل، وقد نفع الله بها الكثير.
وأنا شخصيا استفدت منه كثيرا قديما وحديثا، ولا زلت استفيد منه ومن توجيهاته، وغالب ما أنشره أعرضه عليه أولا وآخذ رأيه فيه.
وكم من فتن حصلت بعد ذهابه إلى مكة، مثل فتنة الحلبي، وفتنة عبد اللطيف الكردي، وفتنة محمد بن هادي التي عمت وطمت، فكان للشيخ بالغ الأثر في توضيح الحق، وتثبيت الشباب على المنهج الصحيح، وجهوده مكملة ومتممة لجهود العلماء الكبار في كشف الفتن والتحذير منها، فكان - وفقه الله - يلتقي بطلاب العلم وعوام السلفيين ويوضح لهم ما أشكل عليهم، وإذا التبس الأمر على أحد فإنه يبقى معه حتى يتضح له الأمر.
وهذه صفات أهل العلم الصادقين وهي: تقوى الله وخشيته والصدق والعدل والصبر والسماحة وتبصير الناس بالحق إذا اضطربت الأمور وكثرت الفتن، فصاحب العلم من يدل الناس على الصراط المستقيم، ويوجههم إلى كبار أهل العلم ليسألوهم ويكونوا معهم.
وليس كل دعي لا يعرف من العلم إلا بتر النصوص بما يوافق هواه، وكثرة القص واللصق، مع عدم الفهم، وتفريق السلفيين والطعن فيهم بلا حكمة ولا روية ولا دليل. 
ثم يأتي بعض المهابيل المراجيج ممن يتكلم بالظن والهوى، فيقول للشيخ: (أصبحت عالة على مشايخ الرضوانية).
ألا يتق الله ويتكلم بعلم وعدل؟، فهو لا يعرف ما علاقتنا بالشيخ عبدالله وفقه الله.
فهو بالنسبة لنا الأخ الكبير، والشيخ، والمربي، ولو فعلنا ما فعلنا لما رددنا بعض فضله علينا وعلى مناطقنا وديارنا وأهلنا.
فنقول لذلك المتقول أربع على نفسك فإنك تهرف بما لا تعرف، فالكل هنا يشهد للشيخ بالفضل والعلم وحسن الخلق، حتى عوام الناس.
فمن عرفه من العلماء ومن طلاب العلم، عرف أنه من أفضل طلاب العلم وشهد له بذلك.
ومن عرفه من عوام الناس، وحتى شيوخ العشائر يقولون عنه: (هذا الرجل ولد حمايل) لما يتصف به حسن الخلق وحسن السمت والصدق والكرم.
وأخيرا أقول: إن الشيخ عبدالله وفقه الله على منهج واحد فلا زال على المنهج الذي كان عليه، وهو المنهج السلفي ومع كبار العلماء، لم يغير ولم يبدل، وكل من طعن فيه فإما أن يكون منحرفا من أصله، أو أنه تغير وتبدل بعدما كان ظاهره الاستقامة.
فنسأل الله الثبات على الإسلام والسنة وأن يجمعنا مع إخوتنا في دار كرامته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

كتبه
الشيخ أبي حسام محمود اليوسف الزوبعي
١٥– شوال - ١٤٤١
جميع الحقوق محفوظة لكل مسلم ينشر المنهج الحق ©2023 إتباع السنة نجاة
تصميم : اخ الاسلام