كلمات في تسلية أهل البلاء من المسلمين
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة والسلام على النبي الامين وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه الى يوم الدين . أما بعد : فمِن أقدار الله المؤلِمة التي تُصيب المسلمَ والمسلمةَ الأمراض، فهي وإن كانت تشقُّ وتكرهها أكثرُ النفوس إلاَّ أنَّها خير لصاحبها في آجِله؛ فهي مِن أسباب تطهيرنا قبل قُدومنا على ربِّنا، فهي كفَّارة للسيِّئات، فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما ابتلى الله عبدا ببلاء وهو على طريقة يكرهها؛ إلا جعل الله ذلك البلاء كفارة وطهورا ما لم ينزل ما أصابه من البلاء بغير الله، أو يدعو غير الله في كشفه". السلسلة الصحيحة. وقال ابن كثير : وقوله ( وإذا مرضت فهو يشفين ) أسند المرض إلى نفسه، وإن كان عن قدر الله وقضائه وخلقه، ولكن أضافه إلى نفسه أدبا، كما قال تعالى آمرا للمصلي أن يقول :اهدنا الصراط المستقيم إلى آخر السورة، فأسند الإنعام والهداية إلى الله تعالى، والغضب حذف فاعله أدبا، وأسند الضلال إلى العبيد، كما قالت الجن وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا [الجن: ١٠] وكذا قال إبراهيم وإذا مرضت فهو يشفين أي إذا وقعت في مرض، فإنه لا يقدر على شفائي أحد غيره بما يقدر من الأسباب الموصلة إليه. تفسير ابن كثير . وعن أبي سعيد رضي الله عنه: أنه دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو موعوك عليه قطيفة، فوضع يده فوق القطيفة، فقال: ما أشد حماك يا رسول الله! قال: "إنا كذلك يشدد علينا البلاء، ويضاعف لنا الأجر". ثم قال: يا رسول الله! من أشد الناس بلاء؟ قال: "الأنبياء". قال: ثم من؟ قال: "العلماء". قال: ثم من؟ قال: "الصالحون، وكان أحدهم يبتلى بالقمل حتى يقتله، ويبتلى أحدهم بالفقر حتى ما يجد إلا العباءة يلبسها، ولأحدهم كان أشد فرحا بالبلاء من أحدكم بالعطاء". صحيح الترغيب والترهيب. وعن محمود بن لبيد؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أحب الله قوما ابتلاهم، فمن صبر فله الصبر، ومن جزع فله الجزع". رواه احمد وصححه الالباني في الترغيب. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة، فما يبلغها بعمل، فما يزال يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها" صحيح الترغيب والترهيب. وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها؛ إلا كفر الله بها من خطاياه". رواه البخاري. ومسلم، ولفظه: "ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب، ولا سقم، ولا حزن، حتى الهم يهمه؛ إلا كفر به من سيئاته. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة". رواه الترمذي وقال: "حديث حسن صحيح"، وصحيح الترغيب . وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مرض العبد أو سافر؛ كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا". رواه البخاري وعن أبي الأشعث الصنعاني: أنه راح إلى مسجد دمشق وهجر الرواح، فلقي شداد بن أوس والصنابحي معه، فقلت: أين تريدان يرحمكما الله تعالى؟ فقالا: نريد ههنا، إلى أخ لنا من مضر نعوده، فانطلقت معهما حتى دخلا على ذلك الرجل، فقالا له: كيف أصبحت؟ فقال: أصبحت بنعمة، فقال شداد: أبشر بكفارات السيئات وحط الخطايا، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الله يقول: [إني] إذا ابتليت عبدا من عبادي مؤمنا فحمدني على ما ابتليته، [فإنه يقوم من مضجعه ذلك كيوم ولدته أمه من الخطايا، ويقول الرب عز وجل [للحفظة]: أنا قيدت عبدي [هذا] وابتليته، فأجروا له كما كنتم تجرون له وهو صحيح". رواه أحمد وحسنه الالباني . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قال الله تبارك وتعالى: "إذا ابتليت عبدي المؤمن فلم يشكني إلى عواده؛ أطلقته من إساري، ثم أبدلته لحما خيرا من لحمه، ودما خيرا من دمه، ثم يستأنف العمل". رواه الحاكم وصححه الالباني . وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يمرض مؤمن ولا مؤمنة ولا مسلم ولا مسلمة إلا حط الله به خطيئته".صحيح الترغيب. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "صداع المؤمن، أو شوكة يشاكها، أو شيء يؤذيه؛ يرفعه الله بها يوم القيامة درجة، ويكفر عنه بها ذنوبه". رواه ابن ابي الدنيا وحسنه الالباني . وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الحمى كير من جهنم، فما أصاب المؤمن منها؛ كان حظه من جهنم". رواه أحمد وصححه الالباني . وقال العلامة العثيمين - رحمه الله تعالى - الناس حال المصيبة على مراتب أربع: المرتبة الأولى: التسخط، وهو على أنواع: النوع الأول: أن يكون بالقلب، كأن يسخط على ربه يغتاظ مما قدره الله عليه فهذا حرام، وقد يؤدي إلى الكفر، قال تعالى:{ ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين} الحج[ 11 ] النوع الثاني: أن يكون باللسان، كالدعاء بالويل والثبور وما أشبه ذلك، وهذا حرام. النوع الثالث: أن يكون بالجوارح، كلطم الخدود، وشق الجيوب، ونتف الشعور وما أشبه ذلك، وكل هذا حرام مناف للصبر الواجب. المرتبة الثانية: الصبر، وهو كما قال الشاعر: والصبر مثل اسمه مر مذاقته لكن عواقبه أحلى من العسل فيرى أن هذا الشيء ثقيل عليه لكنه يتحمله، وهو يكره وقوعه ولكن يحميه إيمانه من السخط، فليس وقوعه وعدمه سواء عنده وهذا واجب لأن الله تعالى أمر بالصبر فقال: {وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبرو إن الله مع الصابرين ) المرتبة الثالثة: الرضا، بأن يرضى الإنسان بالمصيبة بحيث يكون وجودها وعدمها سواء فلا يشق عليه وجودها، ولا يتحمل لها حملا ثقيلا، وهذه مستحبة وليست بواجبة على القول الراجح، والفرق بينها وبين المرتبة التي قبلها ظاهر؛ لأن المصيبة وعدمها سواء في الرضا عند هذا، أما التي قبلها فالمصيبة صعبة عليه، لكنه صبر. المرتبة الرابعة: الشكر، وهو أعلى المراتب، وذلك بأن يشكر الله تعالى على ما أصابه من مصيبة، حيث عرف أن هذه المصيبة سبب لتكفير سيئاته".مجموع الفتاوى. فينبغي على المسلم اذا اصابه شيء ان يتذكر هذه النصوص ويعلم انه عبد لله وأنه اليه راجع ،وأنه اذا صبر وحمد الله حصل له الخير في الدنيا والآخرة . اسال الله العظيم رب العرش العظيم ان يشفينا واياكم ومرضى المسلمين انه جواد كريم . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
كتبه:الشيخ مؤيد أبو بكر بن شهاب الزوبعي .
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة والسلام على النبي الامين وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه الى يوم الدين . أما بعد : فمِن أقدار الله المؤلِمة التي تُصيب المسلمَ والمسلمةَ الأمراض، فهي وإن كانت تشقُّ وتكرهها أكثرُ النفوس إلاَّ أنَّها خير لصاحبها في آجِله؛ فهي مِن أسباب تطهيرنا قبل قُدومنا على ربِّنا، فهي كفَّارة للسيِّئات، فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما ابتلى الله عبدا ببلاء وهو على طريقة يكرهها؛ إلا جعل الله ذلك البلاء كفارة وطهورا ما لم ينزل ما أصابه من البلاء بغير الله، أو يدعو غير الله في كشفه". السلسلة الصحيحة. وقال ابن كثير : وقوله ( وإذا مرضت فهو يشفين ) أسند المرض إلى نفسه، وإن كان عن قدر الله وقضائه وخلقه، ولكن أضافه إلى نفسه أدبا، كما قال تعالى آمرا للمصلي أن يقول :اهدنا الصراط المستقيم إلى آخر السورة، فأسند الإنعام والهداية إلى الله تعالى، والغضب حذف فاعله أدبا، وأسند الضلال إلى العبيد، كما قالت الجن وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا [الجن: ١٠] وكذا قال إبراهيم وإذا مرضت فهو يشفين أي إذا وقعت في مرض، فإنه لا يقدر على شفائي أحد غيره بما يقدر من الأسباب الموصلة إليه. تفسير ابن كثير . وعن أبي سعيد رضي الله عنه: أنه دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو موعوك عليه قطيفة، فوضع يده فوق القطيفة، فقال: ما أشد حماك يا رسول الله! قال: "إنا كذلك يشدد علينا البلاء، ويضاعف لنا الأجر". ثم قال: يا رسول الله! من أشد الناس بلاء؟ قال: "الأنبياء". قال: ثم من؟ قال: "العلماء". قال: ثم من؟ قال: "الصالحون، وكان أحدهم يبتلى بالقمل حتى يقتله، ويبتلى أحدهم بالفقر حتى ما يجد إلا العباءة يلبسها، ولأحدهم كان أشد فرحا بالبلاء من أحدكم بالعطاء". صحيح الترغيب والترهيب. وعن محمود بن لبيد؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أحب الله قوما ابتلاهم، فمن صبر فله الصبر، ومن جزع فله الجزع". رواه احمد وصححه الالباني في الترغيب. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة، فما يبلغها بعمل، فما يزال يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها" صحيح الترغيب والترهيب. وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها؛ إلا كفر الله بها من خطاياه". رواه البخاري. ومسلم، ولفظه: "ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب، ولا سقم، ولا حزن، حتى الهم يهمه؛ إلا كفر به من سيئاته. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة". رواه الترمذي وقال: "حديث حسن صحيح"، وصحيح الترغيب . وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مرض العبد أو سافر؛ كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا". رواه البخاري وعن أبي الأشعث الصنعاني: أنه راح إلى مسجد دمشق وهجر الرواح، فلقي شداد بن أوس والصنابحي معه، فقلت: أين تريدان يرحمكما الله تعالى؟ فقالا: نريد ههنا، إلى أخ لنا من مضر نعوده، فانطلقت معهما حتى دخلا على ذلك الرجل، فقالا له: كيف أصبحت؟ فقال: أصبحت بنعمة، فقال شداد: أبشر بكفارات السيئات وحط الخطايا، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الله يقول: [إني] إذا ابتليت عبدا من عبادي مؤمنا فحمدني على ما ابتليته، [فإنه يقوم من مضجعه ذلك كيوم ولدته أمه من الخطايا، ويقول الرب عز وجل [للحفظة]: أنا قيدت عبدي [هذا] وابتليته، فأجروا له كما كنتم تجرون له وهو صحيح". رواه أحمد وحسنه الالباني . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قال الله تبارك وتعالى: "إذا ابتليت عبدي المؤمن فلم يشكني إلى عواده؛ أطلقته من إساري، ثم أبدلته لحما خيرا من لحمه، ودما خيرا من دمه، ثم يستأنف العمل". رواه الحاكم وصححه الالباني . وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يمرض مؤمن ولا مؤمنة ولا مسلم ولا مسلمة إلا حط الله به خطيئته".صحيح الترغيب. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "صداع المؤمن، أو شوكة يشاكها، أو شيء يؤذيه؛ يرفعه الله بها يوم القيامة درجة، ويكفر عنه بها ذنوبه". رواه ابن ابي الدنيا وحسنه الالباني . وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الحمى كير من جهنم، فما أصاب المؤمن منها؛ كان حظه من جهنم". رواه أحمد وصححه الالباني . وقال العلامة العثيمين - رحمه الله تعالى - الناس حال المصيبة على مراتب أربع: المرتبة الأولى: التسخط، وهو على أنواع: النوع الأول: أن يكون بالقلب، كأن يسخط على ربه يغتاظ مما قدره الله عليه فهذا حرام، وقد يؤدي إلى الكفر، قال تعالى:{ ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين} الحج[ 11 ] النوع الثاني: أن يكون باللسان، كالدعاء بالويل والثبور وما أشبه ذلك، وهذا حرام. النوع الثالث: أن يكون بالجوارح، كلطم الخدود، وشق الجيوب، ونتف الشعور وما أشبه ذلك، وكل هذا حرام مناف للصبر الواجب. المرتبة الثانية: الصبر، وهو كما قال الشاعر: والصبر مثل اسمه مر مذاقته لكن عواقبه أحلى من العسل فيرى أن هذا الشيء ثقيل عليه لكنه يتحمله، وهو يكره وقوعه ولكن يحميه إيمانه من السخط، فليس وقوعه وعدمه سواء عنده وهذا واجب لأن الله تعالى أمر بالصبر فقال: {وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبرو إن الله مع الصابرين ) المرتبة الثالثة: الرضا، بأن يرضى الإنسان بالمصيبة بحيث يكون وجودها وعدمها سواء فلا يشق عليه وجودها، ولا يتحمل لها حملا ثقيلا، وهذه مستحبة وليست بواجبة على القول الراجح، والفرق بينها وبين المرتبة التي قبلها ظاهر؛ لأن المصيبة وعدمها سواء في الرضا عند هذا، أما التي قبلها فالمصيبة صعبة عليه، لكنه صبر. المرتبة الرابعة: الشكر، وهو أعلى المراتب، وذلك بأن يشكر الله تعالى على ما أصابه من مصيبة، حيث عرف أن هذه المصيبة سبب لتكفير سيئاته".مجموع الفتاوى. فينبغي على المسلم اذا اصابه شيء ان يتذكر هذه النصوص ويعلم انه عبد لله وأنه اليه راجع ،وأنه اذا صبر وحمد الله حصل له الخير في الدنيا والآخرة . اسال الله العظيم رب العرش العظيم ان يشفينا واياكم ومرضى المسلمين انه جواد كريم . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
كتبه:الشيخ مؤيد أبو بكر بن شهاب الزوبعي .
