أيها المسلمون تمسكوا بكتاب ربكم وبسنة نبيكم ولا يستفزنكم ما قاله ذلكم العلج النصراني فض الله فاه
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فقد شغل المسلمين وأحزنهم ما تكلم به علج نصراني حيث طعن برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد تكلم العلماء وطلبة العلم حول هذا الموضوع، ولكن وددت أن أذكر مسألتين مهمتين وأنبه عليهما.
المسألة الأولى: نقول لهذا العلج الذي تفوه بهذا الكلام القبيح ولجميع من يؤيده أو ينصره أو يطعن مثله في رسول الله صلى الله عليه وسلم، نقول لهم جميعا: (لا يضر السحاب نبيح الكلاب) ونقول لهم: (أخسأوا فلا تعدوا أقداركم) واعلمو أن السب والشتم بضاعة الخاسرين وأسلوب المهزومين وحيلة الخائبين لا يلجأ إليه إلا الضعفاء البائسين، أما الرجال من أهل القوة والغلبة فيترفعون عن ذلك، واعلموا أنكم إن تطعنوا في رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد طعن فيه أسلافكم من قبل وطعن فيه مشركوا العرب وغيرهم من الكفار فقطعهم الله وخيب ظنهم، وقد قال الله له: (إن شانئك هو الأبتر) فخابوا وخسروا وما ضره ذلك بل أظهره الله عليهم وأيده بنصره وبالمؤمنين فقتل مقاتلتهم وسبى نساءهم وذراريهم وسلب أمولهم واستولى على ملكهم، فأين ملك قيصر؟ وأين ملك كسرى؟ وأين ملك المقوقس؟ وأين وأين...؟ لقد مكنه الله منهم وأيده بالنصر المبين وأنزل عليه ملائكة من السماء تقاتل معه.
فلم ولن يضر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلكم السب والطعن، وهذه سنن الله الكونية وقد قال تعالى: (ولن تجد لسنة آلله تبدلا) وقال تعالى: (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز)
ولا تفرحوا يا معاشر اليهود والنصارى ببعض ما حصلتم عليه وآذيتم به المؤمنين فما حصل ذلك إلا بقدر ما فرطنا في ديننا، وببعض ذنوبنا، ولله الأمر من قبل ومن بعد ولكن الأمر بإذن الله لن يدوم ولن يدوم ظلام ليلكم وستشرق بإذن الله شمس الإسلام وسيتبدد ظلام الكفر والشرك، فلا زال بفضل الله باب التوبة مفتوحا ولا زال الله يغرس في هذه الأمة غرسا يستعملهم في طاعته وسيأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم، وليسوأنكم الله بهم وينصر بهم دينه وسنة نبيه قال الله تعالى: (فَإِذَا جَاۤءَ وَعۡدُ ٱلۡـَٔاخِرَةِ لِیَسُـࣳۤـُٔوا۟ وُجُوهَكُمۡ وَلِیَدۡخُلُوا۟ ٱلۡمَسۡجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةࣲ وَلِیُتَبِّرُوا۟ مَا عَلَوۡا۟ تَتۡبِیرًا).
وما حل بأسلافكم فسيحل بكم فإن سنن الله لا تتغير وأن الله لا يخلف الميعاد وإن غدا لناظره قريب،
وما تفعلونه أليوم فليس بأكثر مما فعله أسلافكم من قبل فنبشركم بأن نصر الله آت وأن الإسلام سيعلو وسيظهره الله على الدين كله ولو كره الكافرون، فقد أخبرنا الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام كما رواه عنه تميم بن أوس الداري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولاوبر، إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام، وذلا يذل الله به الكفر).
رواه الإمام أحمد والطبراني والبيهقي، وصححه الحاكم والشيخ الألباني.
فإن الإسلام آت والنصر قادم لا محالة.
واعلموا يا عباد الصليب انكم أعداء الله ولن تعجزوا الله جل وعلا فإنكم لستم على دين عيسى عليه الصلاة والسلام وأن عيسى منكم براء وسينزل في آخر الزمان فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية فلا يقبل إلا الإسلام أو السيف وأنه سيحكم بشريعة محمد عليه الصلاة والسلام وقد أخبرنا رسولنا بنزول عيسى عليه السلام وقال: ( من أدرك منكم عيسى ابن مريم، فليقرئه مني السلام).
فمهما فعلتم وسببتم وطعنتم فإن ملككم إلى زوال وجمعكم مهزوم وراياتكم منكسة، واعلموا أن الدنيا دول والعاقبة للمتقين وأن كل ما هو آت قريب.
المسألة الثانية: نقول للمسلمين جميعا لا يستفزنكم فعل ذلكم العلج فهذا دينهم وديدنهم وهذه أخلاقهم وهم على الكفر مقيمون ولآيات الله منكرون، وقد سبوا الله تعالى مسبة ما سبها قبلهم أحد من العالمين حيث ادعوا أنه اتخذ صاحبة وولدا.
واعلموا أنه لا عز لكم ولا نصر إلا بالرجوع إلى دينكم والتمسك بسنة نبيكم وتحكيم شرع الله الذي شرفكم ورفع قدركم به، فعودوا إلى دينكم ينصركم الله وأحيوا سنة رسولكم يعزكم الله، واعملوا بها ظاهرا وباطنا، يخزي الله عدوكم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين، واعلموا بارك الله فيكم أن المظاهرات من سنن اليهود والنصارى فلن ينصرنا الله بها فإن الله قد أمرنا بمخالفتهم حيث قال:(أقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون)، بل أمرنا ربنا جل شأنه أن ننصره بالتمسك بدينه
ووعدنا على ذلك بالنصر والتثبيت حيث قال سبحانه: (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) ونصر الله يكون بالتمسك بالشرع الحنيف كما تقدم ذكره، وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فعلى كل مسلم يحرص على دينه ويغار عليه ويحب نبيه أن يبادر إلى التوبة النصوح ويجاهد نفسه وهواه وشيطانه ويحيي سنة من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم ويأمر بذلك أهله وذويه ومن يستطيع دعوته حتى يظهر دين الله ويعلو ويعرف الناس التوحيد الذي أمر به رب العالمين، ويتركوا التعلق بالقبور والقباب والأحجار والأشجار ويتركوا محدثات الأمور من البدع والأهواء المردية ويتوبوا إلى الله من المعاصي ما ظهر منها وما بطن، إن فعلتم ذلك فاعلموا أن النصر قاب قوسين أو أدنى ومن أصدق من الله قيلا وقد وعدنا بالنصر إذا نصرناه.
هذا العمل هو الرد المناسب والعملي المؤثر على مثل هذا العلج الذي طعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم.
نسال الله يخزيه ويرينا فيه عجائب قدرته ويجعله عبرة لغيره.
كتبه
أبو حسام محمود اليوسف الزوبعي
٩ - ربيع الأول - ١٤٤٢
