رسالة مختصرة في بيان أحكام العدة


الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فهذه رسالة مختصرة في بيان أحكام العدة كتبتها توضيحا للحكم الشرعي في هذه المسألة بعدما رأيت أن هناك لبسا وسوء فهم في معرفة أحكام العدة وما يجب على المعتدة، رأيت ذلك من خلال الأسئلة والإستفسارات الكثيرة التي ترد حول هذه الأحكام، وخصوصا أحكام المعتدة من الوفاة، وغالب الأسئلة تكون على النحو التالي:

1 - هل يحق للمعتدة أن تسلم على غير محارمها؟
2 - هل يحق للمعتدة أن ترى رجالا أجانب عنها؟
3 - إذا رأت المعتدة أو رآها رجل أجنبي هل تفسد عدتها؟ وإذا فسدت هل تستأنف العدة أم تكمل؟
4 - هل يجوز للمعتدة أن تسكن في بيت وفيه رجل ليس بمحرم عليها؟
5 - بل يسأل البعض حتى عن حكم السلام على المحارم أثناء العدة.
6 – وقد ترد أسئلة عن حكم كلام المعتدة بالهاتف واتصالها بالأهل والأقارب.
وهذه الأسئلة وغيرها مما هي على شاكلتها تدل على جهل غالب الناس بأمور دينهم.
ولأجل بيان هذه المسألة لعامة المسلمين قصدت الإختصار وعدم ذكر الخلافات، والإقتصار على المسائل المشهورة بين الناس ومن أراد التوسع من طلبة العلم فعليه بالرجوع إلى كتب الفقه.
فنقول متوكلين على الله جل وعلا:
إن الأسئلة المتقدمة كلها لا علاقة لها بالعدة وأحكامها، فالسلام على الأجانب والمحارم والكلام معهم سواء كان قبل العدة أو أثناء العدة أو بعد العدة فحكمه واحد، وهو أنه يجوز إذا أمنت الفتنة وبالشروط الشرعية المعتبرة، مثل عدم الخضوع بالقول، وعدم مصافحة غير المحارم، والتزام الحجاب الشرعي، وكذلك التزام الحجاب وعدم الخلوة إذا كان في البيت رجل غير محرم، كما يحصل عند كثير من العوائل بسبب عدم وجود السكن، فيسكن الأب والأبناء في بيت واحد ومن الأبناء من هو متزوج.
وفي كل هذه الأحوال لا يتجدد حكم للمعتدة وليست هذه الأمور من خصائص العدة كما تقدم.
إذا تبين هذا فالواجب علينا أن نعرف ما هي أحكام العدة الشرعية وما هو الواجب على المعتدة، حتى يتضح الأمر ولا يقع الخلط بين هذه الأحكام وبين الأحكام الشرعية الأخرى.
أولا: عدة المتوفى عنها زوجها، وهي إما أن تكون حاملا أو حائلا (غير حامل)
1 – الحامل عدتها إلى حين وضع حملها سواء طالت المدة أم قصرت، حتى لو وضعت بعد وفاة زوجها مباشرة تكون عدتها قد انقضت بالوضع.
2 – الحائل (غير الحامل) سواء كانت مدخول بها أو غير مدخول بها فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام.
3 – تبدأ العدة من تاريخ وفاة الزوج ولها ثلاث صور:
آ – أن تعلم الزوجة بوفاة زوجها من أول يوم فهذه تعتد من حين وفاة الزوج إلى أربعة أشهر وعشرة أيام.
ب - إذا لم تعلم الزوجة بوفاة زوجها إلا بعد مدة فهذه المدة تخصم من العدة وتكمل ما بقي عليها.
ج - إذا لم تعلم الزوجة بوفاة زوجها إلا بعد مضي أربعة أشهر وعشرة أيام فما فوق فعندها تكون العدة قد انقضت في هذه الفترة والزوجة معذورة لعدم علمها، ولا شيء عليها.
4 – زوجة المفقود إذا حكمت المحكمة بوفاة زوجها فإنها تعتد من تاريخ حكم المحكمة وليس من تاريخ فقدانه، ويعتبر تاريخ الحكم هو تاريخ الوفاة وهذا هو الذي يُسمى: (متوفى حكما).
الواجب على المعتدة من الوفاة
1 – يجب على المعتدة من الوفاة أن تمكث في بيت الزوجية إلى حين انقضاء عدتها فلا تخرج من البيت نهارا إلا لحاجة لها، ولا تخرج ليلا إلا لضرورة.
2 – لا تتزوج في العدة ولا تخطب صراحة.
3 - لا بأس بالتعريض لها ممن يرغب في زواجها كأن يقول لها أنت امرأة صالحه ومرغوب فيك أو إذا انقضت عدتك فأخبريني أو ما شابه ذلك.
4 – يجب عليها الإحداد وهو: مع عدم الخروج من البيت المتقدم ذكره فإنه يجب عليها:
آ - أن لا تلبس لباس الزينة المتعارف عليه إنما تبقى في الملابس العادية. ب - لا تتقيد بلون معين كما ابتدع بعض الناس لزوم اللون الأسود فهذا التقييد لا يجوز وهو من تقاليد النصارى.
ج - لا تختضب ولا تكتحل ولا تتعطر ولا تضع أي نوع من أنواع الزينة، د - لا بأس بالصابون أو المساحيق الحادة أو ما شاكلها مما يغسل به الجسم والثياب عادة.
ثانيا: عدة المطلقة
1 - غير المخول بها
إذا كانت المطلقة غير مدخول بها فلا عدة عليها وتبين من زوجها بمجرد الطلاق ويحق لها أن تتزوج بعد الطلاق مباشرة.
2- المدخول بها
آ - الصغيرة التي لم تبلغ سن الحيض والكبيرة الآيسة التي ارتفع حيضها فعتدهن من الطلاق ثلاثة أشهر من تاريخ الطلاق.
وعدتهن من الخلع أو الفسخ شهر واحد من تاريخ الخلع أو الفسخ على الصحيح من أقوال العلماء.
ب - الحامل في كل الأحوال عدتها إلى حين وضع الحمل سواء طالت المدة أم قصرت.
ج – صاحبة الحيض غير الحامل عدتها ثلاثة قروء (ثلاث حيضات)
د – المختلعة والمنفسخة ومن فرق بينهما اللعان فعدتهن حيضة واحدة لبراءة الرحم على الصحيح من أقوال العلماء، أو وضع الحمل للحامل، أو شهر لواحد للصغيرة التي لم تحض بعد والكبيرة الآيسة كما تقدم.
الواجب على المعتدة من الطلاق
1 - غير المدخول بها فلا شيء عليها ولا عدة لها.
2 – المختلعة والمنفسخة ومن فرق بينهما باللعان وكذلك من طلقت الطلقة الثالثة فهؤلاء يذهبن إلى بيوت أهلهن فلا سكنى لهن ولا نفقة.
ويتربصن بأنفسهن إلى حين إنقضاء عدتهن وهي حيضة واحدة أو شهر واحد أو وضع الحمل كما تقدم إلا المطلقة ثلاثا فعدتها ثلاث حيضات أو ثلاثة أشهر على التفصيل المذكور وعلى الصحيح من أقوال العلماء، ولا يُخطبن ولا يتزوجن إلى أن تنقضي عدتهن.
3 – اما المطلقة الطلقة الأولى أوالثانية فالواجب عليها:
آ- أن تمكث في بيت زوجها فلا يحل لها مفارقته ولا يحل لزوجها إخراجها منه إلا أن تأتي بفاحشة مبينة.
ب – لا يحل لها الزواج ولا أن تُخطب لا تصريحا ولا تلميحا لأنها لا زالت بحكم الزوجة
ب – ما دامت بحكم الزوجة أثناء العدة فلا حرج عليها أن تضع حجابها ولها أن تلبس ماشاءت من الثياب وتتزين بما شاءت من الزينة أمام زوجها.
ج – لزوجها أن يرجعها ما دامت في العدة ويجب عليه أن يشهد على الرجعة.
د – لا يحل له أن يطأها في العدة إلا إذا وطأها بنية الإرجاع
4 – المعتدة من الطلاق أوالفسخ أوالخلع ليس عليها إحداد فلها أن تلبس ما تشاء من الثياب ولها الخروج لزيارة الأقارب وما شابه ذلك على الصحيح من أقوال العلماء.
فائدة:
عدة الحامل تسمى أم العدات لأنها تقضي على جميع أنواع العدات فإذا وضعت حملها انتهت عدتها سواء كانت معتدة من وفاة أو طلاق أو خلع أو أي نوع آخر ولا تنتهي العدة إلا بوضع الحمل في كل الأنواع المتقدمة.

كتبه
أبو حسام محمود اليوسف الزوبعي
17 رمضان1441
جميع الحقوق محفوظة لكل مسلم ينشر المنهج الحق ©2023 إتباع السنة نجاة
تصميم : اخ الاسلام