الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد:
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فرض على المسلمين الذكر والأنثى والحر والعبد والصغير والكبير صدقة الفطر صاعا من طعام أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاعا من أقط،
وورد عن السلف أن نصف صاع من بر (حنطة) تجزئ عن صاع من شعير.
فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين وقال أغنوهم عن المسألة في يومهم هذا يعني يوم العيد.
صح ذلك عن ابن عمر وابي سعيد وابن عباس وغيرهم رضي الله عنهم.
فالواجب على المسلمين امتثال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم والعمل بما أوصاهم به طاعة لله جل وعلا واداء لما أوجبه عليهم وبراة للذمة.
ولا يدخلوا بعقولهم متأولين لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على غير ما أمر به.
ومما انتشر بين الناس وهنالك من يروج له بصورة ملفتة للنظر هو أنه ينبغي الآن إخراج النقود في زكاة الفطر بدل الطعام زعموا أن المصلحة تقتضي ذلك ومحتجين بما قاله بعض العلماء الأفاضل عليهم رحمة الله،
وهؤلاء العلماء مجتهدون والمجتهد يدور بين الأجر والأجرين.
ولكن لا يجوز متابعتهم على ما أخطأوا فيه وثبت خطأهم فيه بالدليل وبأقوال العلماء الأخرين الذين لا يقلون عنهم في العلم والفضل.
وقد ثبت أن هذا التوجه والقول بأخراج النقود خطأ من عدة أوجه:
١- أن هذا القول مخالف لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صراحة فالرسول عليه الصلاة والسلام ذكر عدة أصناف من الطعام ولم يذكر معها النقد مع أن النقد كان موجودا الدينار والدرهم والناس يتعاملون به والحاجة إليه هي الحاجة قديما وحديثا وكذلك النقود أخف من جهة النقل وبإمكان الفقير أن يشتري بها ما يريده من طعام وثياب وغير ذلك، ومع هذا كله فقد أعرض عنها رسول الله عليه الصلاة والسلام ولم يذكرها وهو المشرع وما كان ليترك الأفضل في حق أمته ويذكر لهم ما هو دونه.
والله جل وعلا هو الذي أرسله وأمره أن يأمر الناس بما أمرهم به ولم يأمره ربه أن يذكر النقد مع الطعام وما كان ربك نسيا.
٢- كل مَن أفتى بعد رسول الله فإنه إذا تعارض كلامه مع كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن كلامه يترك ويؤخذ بكلام الرسول عليه الصلاة والسلام، وهذا لا ينبغي أن يكون فيه خلاف بين المسلمين كما قال الإمام مالك (كل منا يؤخذ من قوله ويرد عليه إلا صاحب هذا القبر) يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم .
٣- مَن أفتى بذلك إنما جعله على سبيل الجواز وهو قول ثان له وقوله الأول وهو المعتمد وهو ما وافق فيه قول الرسول عليه الصلاة والسلام وما وافق فيه قول جمهور العلماء وهو إخراج الطعام.
٤- هذا القول على خلاف قول جماهير المسلمين من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين والفقهاء السبعة والأئمة الأربعة وغيرهم من العلماء فإن جمهورهم وأكثرهم لم يجوزوا إخراج النقد بدل الطعام.
٥- العبادات توقيفية كما يقول أهل العلم فلا يصح أن نتحكم بها بعقولنا فنصرفها عما هي عليه للاستحسان العقلي.
٦- حجة أن الفقراء بحاجة للنقد أكثر من الطعام هذه غير صحيحة فالفقير الذي هو فعلا فقير هذا يحتاج النقد ليشتري به طعاما فأنت اذا أعطيته الطعام تكون قد وفرت عليه ذهابه للسوق ونقل الطعام إلى البيت.
وحتى لو فرضنا ذلك جدلا فيمنكه بيع الطعام ثم يتصرف بثمنه بما شاء.
٧- إخراج الطعام أبرأ للذمة فإنه يجزئ بلا خلاف وإخراج النقد فيه خلاف والمسلم الحريص على دينه عليه أن يحرص على ما يبرئ ذمته أولا.
٨- هذا القول بإخراج النقد سيفتح بابا لكل من تسول له نفسه تحرف الشريعة والتحايل على النصوص فيأتي من يقول بإخراج النقد بدل الأضاحي وبدل العقيقة وبدل الهدي في مكة، فإن العلة واحدة وهي حاجة الفقير للنقد وهذا قول ظاهر الفساد وفيه من الشر ما فيه .
٩- الله جل وعلا حث الناس على الصدقات على الفقراء في عدة مواضع فمنها صدقات واجبة ومنها صدقات مستحبة ومنها مقيدة بنوع معين ومنها مطلقة وبإمكان الميسورين أن يتصدقوا بالنقود على المحتاجين في عموم السنة وأبواب الخير كثيرة.
هذا ما يسر الله كتابته على عجالة
والله أعلم
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
كتبه
أبوحسام محمود اليوسف الزوبعي
٢٣ رمضان ١٤٤١
أما بعد:
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فرض على المسلمين الذكر والأنثى والحر والعبد والصغير والكبير صدقة الفطر صاعا من طعام أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاعا من أقط،
وورد عن السلف أن نصف صاع من بر (حنطة) تجزئ عن صاع من شعير.
فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين وقال أغنوهم عن المسألة في يومهم هذا يعني يوم العيد.
صح ذلك عن ابن عمر وابي سعيد وابن عباس وغيرهم رضي الله عنهم.
فالواجب على المسلمين امتثال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم والعمل بما أوصاهم به طاعة لله جل وعلا واداء لما أوجبه عليهم وبراة للذمة.
ولا يدخلوا بعقولهم متأولين لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على غير ما أمر به.
ومما انتشر بين الناس وهنالك من يروج له بصورة ملفتة للنظر هو أنه ينبغي الآن إخراج النقود في زكاة الفطر بدل الطعام زعموا أن المصلحة تقتضي ذلك ومحتجين بما قاله بعض العلماء الأفاضل عليهم رحمة الله،
وهؤلاء العلماء مجتهدون والمجتهد يدور بين الأجر والأجرين.
ولكن لا يجوز متابعتهم على ما أخطأوا فيه وثبت خطأهم فيه بالدليل وبأقوال العلماء الأخرين الذين لا يقلون عنهم في العلم والفضل.
وقد ثبت أن هذا التوجه والقول بأخراج النقود خطأ من عدة أوجه:
١- أن هذا القول مخالف لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صراحة فالرسول عليه الصلاة والسلام ذكر عدة أصناف من الطعام ولم يذكر معها النقد مع أن النقد كان موجودا الدينار والدرهم والناس يتعاملون به والحاجة إليه هي الحاجة قديما وحديثا وكذلك النقود أخف من جهة النقل وبإمكان الفقير أن يشتري بها ما يريده من طعام وثياب وغير ذلك، ومع هذا كله فقد أعرض عنها رسول الله عليه الصلاة والسلام ولم يذكرها وهو المشرع وما كان ليترك الأفضل في حق أمته ويذكر لهم ما هو دونه.
والله جل وعلا هو الذي أرسله وأمره أن يأمر الناس بما أمرهم به ولم يأمره ربه أن يذكر النقد مع الطعام وما كان ربك نسيا.
٢- كل مَن أفتى بعد رسول الله فإنه إذا تعارض كلامه مع كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن كلامه يترك ويؤخذ بكلام الرسول عليه الصلاة والسلام، وهذا لا ينبغي أن يكون فيه خلاف بين المسلمين كما قال الإمام مالك (كل منا يؤخذ من قوله ويرد عليه إلا صاحب هذا القبر) يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم .
٣- مَن أفتى بذلك إنما جعله على سبيل الجواز وهو قول ثان له وقوله الأول وهو المعتمد وهو ما وافق فيه قول الرسول عليه الصلاة والسلام وما وافق فيه قول جمهور العلماء وهو إخراج الطعام.
٤- هذا القول على خلاف قول جماهير المسلمين من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين والفقهاء السبعة والأئمة الأربعة وغيرهم من العلماء فإن جمهورهم وأكثرهم لم يجوزوا إخراج النقد بدل الطعام.
٥- العبادات توقيفية كما يقول أهل العلم فلا يصح أن نتحكم بها بعقولنا فنصرفها عما هي عليه للاستحسان العقلي.
٦- حجة أن الفقراء بحاجة للنقد أكثر من الطعام هذه غير صحيحة فالفقير الذي هو فعلا فقير هذا يحتاج النقد ليشتري به طعاما فأنت اذا أعطيته الطعام تكون قد وفرت عليه ذهابه للسوق ونقل الطعام إلى البيت.
وحتى لو فرضنا ذلك جدلا فيمنكه بيع الطعام ثم يتصرف بثمنه بما شاء.
٧- إخراج الطعام أبرأ للذمة فإنه يجزئ بلا خلاف وإخراج النقد فيه خلاف والمسلم الحريص على دينه عليه أن يحرص على ما يبرئ ذمته أولا.
٨- هذا القول بإخراج النقد سيفتح بابا لكل من تسول له نفسه تحرف الشريعة والتحايل على النصوص فيأتي من يقول بإخراج النقد بدل الأضاحي وبدل العقيقة وبدل الهدي في مكة، فإن العلة واحدة وهي حاجة الفقير للنقد وهذا قول ظاهر الفساد وفيه من الشر ما فيه .
٩- الله جل وعلا حث الناس على الصدقات على الفقراء في عدة مواضع فمنها صدقات واجبة ومنها صدقات مستحبة ومنها مقيدة بنوع معين ومنها مطلقة وبإمكان الميسورين أن يتصدقوا بالنقود على المحتاجين في عموم السنة وأبواب الخير كثيرة.
هذا ما يسر الله كتابته على عجالة
والله أعلم
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
كتبه
أبوحسام محمود اليوسف الزوبعي
٢٣ رمضان ١٤٤١
